فصل: مسير السلطان إلى واسط وطاعة دبيس.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مقتل البساسيري.

ثم أرسل السلطان طغرلبك خمارتكين في ألفين إلى الكوفة واستقر معه سرايا بن منيع في بني خفاجة وسار السلطان طغرلبك في أثرهم فلم يشعر دبيس وقريش والبساسيري - وقد كانوا نهبوا الكوفة - إلا والعساكر قد طلعت عليهم من طريق الكوفة فأجفلوا نحو البطيحة وسار دبيس ليرد العرب إلى القتال فلم يرجعوا ومضى معهم ووقف البساسيري وقريش فقتل من أصحابهما جماعة وأسر أبو الفتح ابن ورام ومنصور بن بدران وحماد بن دبيس وأصاب البساسيري سهم فسقط عن فرسه وأخذ رأسه لمتنكيرز وأتى العميد الكندري وحمله إلى السلطان وغنم العسكر جميع أموالهم وأهليهم وحمل رأس البساسيري إلى دار الخلافة فعلق قبالة النوبي في منتصف ذي الحجة ولحق دبيس بالبطيحة ومعه زعيم الملك أبو الحسن عبد الرحيم وكان هذا البساسيري من مماليك بهاء الدولة بن عضد الدولة اسمه أرسلان وكنيته أبو الحرث ونسبه في الترك وهذه النسبة المعروفة له نسبة إلى مدينة بفارس حرفها الأول متوسط بين الفاء والباء والنسبة إليه فسوي ومنها أبو علي الفارسي صاحب الإيضاح وكان أولا ينسب إليها فلذلك قيل فيه هو بساسيري.

.مسير السلطان إلى واسط وطاعة دبيس.

ثم انحدر السلطان إلى واسط أول سنة اثنتين وخمسين وحضر عنده هزارشب بن شكر من الأهواز وأصلح حال دبيس بن مزيد وصدقة بن منصور بن الحسين أحضرهما عند السلطان وضمن واسط أبو علي بن فضلان بمائتي ألف دينار وضمن البصرة الأغر أبو سعد سابور بن المظفر وأصعد السلطان إلى بغداد واجتمع بالخليفة ثم سار إلى بلد الجبل في ربيع سنة اثنتين وخمسين وأنزل ببغداد الأمير برسو شحنة وضمن أبو الفتح المظفر بن الحسين في ثلاث سنين بأربعمائة ألف دينار ورد إلى محمود الأخرم إمارة بني خفاجة وولاه الكوفة وسقى الفرات وخواص السلطان بأربعة آلاف دينار في كل سنة.

.وزارة القائم.

ولما عاد القائم إلى بغداد ولى أبا تراب الأشيري على الأنهار وحضور المراكب ولقبه حاجب الحجاب وكان خدمه بالحديثة ثم سعى الشيخ أبو منصور في وزارة أبي الفتح بن أحمد بن دارست على أن يحمل مالا فأجيب وأحضر من الأهواز في منتصف ربيع من سنة ثلاث وخمسين فاستوزره وكان من قبل تاجرا لأبي كاليجار ثم ظهر عجزه في استيفاء الأموال فعزله وعاد إلى الأهواز وقدم أثر ذلك أبو نصر بن جهير وزير نصير الدولة بن مروان نازعا منه إلى الخليفة القائم فقبله واستوزره ولقبه فخر الدولة.

.عقد طغرلبك على ابنه الخليفة.

كان السلطان طغرلبك قد خطب من القائم ابنته على يد أبي سعد قاضي الري سنة ثلاث وخمسين فاستنكف من ذلك ثم بعث أبا محمد التميمي في الاستعفاء من ذلك وإلا فيشترط ثلثمائة ألف دينار وواسط وأعمالها فلما ذكر التميمي ذلك للوزير عميد الملك بني الأمر على الإجابة قال: ولا يحسن الاستعفاء ولا يليق بالخليفة طلب المال وأخبر السلطان بذلك فسر به وأشاعه في الناس ولقب وزيره عميد الملك وأتى أرسلان خاتون زوجة القائم ومعه مائة ألف ألف دينار وما يناسبها من الجواهر والجوار وبعث معهم قرامرد بن كاكويه وغيره من أمراء الري فلما وصلوا إلى القائم استشاط وهم بالخروج من بغداد وقال له العميد: ما جمع لك في الأول بين الامتناع والاقتراح وخرج مغضبا إلى النهروان فاستوقفه قاضي القضاة والشيخ أبو منصور بن يوسف وكتب من الديوان إلى خمارتكين من أصحاب السلطان بالشكوى من عميد الملك وجاءه الجواب بالرفق ولم يزل عميد الملك يريض الخليفة وهو يتمنع إلى أن رحل في جمادى من سنة أربع وخمسين ورجع إلى السلطان وعرفه بالحال ونسب القضية إلى خمارتكين فتنكر له السلطان وهرب واتبعه أولاد ينال فقتلوه بثأر أبيهم وجعل مكانه سارتكين وبعث للوزير بشأنه وكتب السلطان إلى قاضي القضاة والشيخ أبي منصور بن يوسف بالعتب وطلب بنت أخي زوجة القائم فأجاب الخليفة حينئذ إلى الإصهار وفوض إلى الوزير عميد الكندري عقد النكاح على ابنته للسلطان وكتب بذلك إلى أبي الغنائم المجلبان فعقد عليها في شعبان من تلك السنة بظاهر تبريز وحمل السلطان للخليفة أموالا كثيرة وجواهر لولي العهد وللمخطوبة وأقطع ما كان بالعراق لزوجته خاتون المتوفاة للسيدة بنت الخليفة وتوجه السلطان في المحرم سنة خمس وخمسين من أرمينية إلى بغداد ومعه من الأمراء أبو علي بن أبي كاليجار وسرخاب بن بدر وهزار وأبو منصور بن قرامرد بن كاكويه وخرج الوزير ابن جهير فتلقاه وترك عسكره بالجانب الغربي ونادى الناس بهم وجاء الوزير ابن العميد لطلب المخطوبة فأفرد له القائم دورا لسكناه وسكنى حاشيته وانتقلت المخطوبة إليها وجلست على سرير ملبس بالذهب ودخل السلطان فقبل الأرض وحمل لها مالا كثيرا من الجواهر وأولم أياما وخلع على جميع أمرائه وأصحابه وعقد ضمان بغداد على أبي سعد الفارسي بمائة وخمسين ألف دينار وأعاد ما كان أطلقه رئيس العراقين من المواريث والمكوس وقبض على الأعرابي سعد ضامن البصرة وعقد ضمان واسط على أبي جعفر بن فضلان بمائتي ألف.